قبائل رجال الحجر في فتوحات الملك عبدالعزيز

بعد أن دانت المنطقة الجنوبية بالولاء للملك عبدالعزيز طيب الله ثراه , وتم استبباب الأمن في 
جميع أرجاء منطقة عسير وأستقرت الأوضاع فيها عام (1342هـ) , حتى بت للملك عبدالعزيز تحديات آخرى تتمثل في إكمال فتح الحجاز , ومحاولات إمام اليمن (يحيى) التدخل في جنوب المملكة , فالثورة الإدريسية , فالحرب اليمنية السعودية ثم حركات العصيان في جبال الريث .

وأصبحت بلاد قبائل رجال الحجر (بني شهر - بني عمرو - بللسمر - بللحمر) جزءا ً لا يتجزأ من هذا الكيان الكبير , وكان لهم مشاركات فعالة في الدعم الإقتصادي والعسكري لمسيرة الوحدة والبناء , فمن حيث الدعم الإقتصادي كانت بلاد رجال الحجر غنية بزراعة الحبوب وتربية المواشي وتربية النحل , وكانت الزكاة الشرعية تشكل رافدا ً مهما ً لخزينة المالية في أبها , كما تم تعيين مندوب للمالية في النماص يقوم بتنظيم الأمور الاقتصادية في الأسواق الأسبوعية وجباية الرسوم .

أما الدعم العسكري فكان عبارة عن (9) مشاركات لقبائل رجال الحجر , وكان عدد مجاهدين رجال الحجر (1000) رجل وفارس , (500 من بني شهر) ,و (500 من بني عمرو وبللسمر وبللحمر) وكان يرفع العدد على رجال الحجر إلى (2000) إذا دعت الضرورة , وفيما يلي نورد المشاركات بالترتيب :-


المشاركة الأولى :-
مشاركة رجال الحجر ضمن قبائل عسير في الإستيلاء على القنفذة أوائل عام (1242هـ) بقيادة الشيخ عبدالوهاب أبو ملحة .


المشاركة الثانية :-
كانت في حصار مدينة جدة وحرب الرغامة , ومن الأشخاص الذين أكدوا مشاركتهم في تلك الحرب دايل بن سليمان الكلثمي الشهري .
وفي رسالة من الملك عبدالعزيز للشيخ عبدالوهاب أبو ملحة أوردها د/ محمد آل زلفة في كتابه (عسير في عهد الملك عبدالعزيز , ص 132) يذكر فيها ...... ولا بدكم إن شاء الله وصلتم إلى بني شهر وصار قبض جهادهم وإرساله إلينا والتعريف منكم قادم إن شاء الله تعالى ) .
وقد ذكر زحمي بن عبدالرحمن الشهري , أنه توجه مع حملة بقيادة الشيخ فايز بن غرم بن مرعي العسبلي , قوامها خمسمائة مقاتل دعما ً للحملة السابقة , ومعها قافلة أكثر من مائة بعير محملة بالحبوب والسمن والعسل
ووصلت الظفير ببلاد غامد , وأكرمهم أمير الظفير وجرى سباق بالخيل , لكن الأوامر صدرت من الملك عبدالعزيز برجوع المقاتلين لأن جدة استسلمت صلحا ً , في الأول من جمادى الآخرة عام 1344هـ , لكن القافلة استمرت في سيرها إلى جدة .


المشاركة الثالثة :-
أشار الباحث د/ محمد آل زلفة في كتابه (عسير في عهد الملك عبدالعزيز , ص 149) أن جلالة الملك عبدالعزيز أصدر أمرا ً إلى أمير منطقة عسير عبدالله بن عسكر باستنفار شوكات قبائل المنطقة , وجعلها جاهزة عند اللزوم وذلك في عام 1344 هـ .

وكانت مشاركة رجال الحجر بألف مقاتل بقيادة عبدالرحمن بن محمد العسبلي , وصلت أبها وعسكرت على مقربة من أبها لمدة ثلاثة أشهر , وكان الشيخ علي بن شهوان الحسيني الشهري أحد المشاركين في تلك الحملة وكان شاعرا وفي إحدى الحفلات التي أقامها رجال الحجر وحضرها أمير أبها عبدالله بن عسكر وقد طال بهم الانتظار فقال الشيخ بن شهوان هذه القصيدة عبر فيها عن شعور المشاركين :-

يا لأمير انظــر رجال الحجر *** يمثل لسـوّد ما يداوى سمـه 
اعطنا عــلم الحقيقة بـدريفإ *** ن ما حـن بالــــديون نسمـه 


المشاركة الرابعة :-
كان لدى فهد بن زعير أمير جيزان عدد من الجنود النجديين لا يتجاوز عددهم ثلاثين رجلا ً , ولمقاومة الثورة الإدريسية صدرت أوامر الملك عبدالعزيز إلى أمير أبها بتجهيز حملة سريعة تتجه إلى منطقة جيزان , فجمع جيشا ً على عجل قوامه (3500) مقاتل بقيادة عمر بن عسكر وذلك في جمادى الآخرة عام 1351 هـ .
وكانت شوكة رجال الحجر (1000) مقاتل بقيادة عبدالله بن محمد العسبلي , ويقول أحد المشاركين في هذه الحملة وهو ظافر بن زهير الثابتي الشهري : إن خالد بن لؤي توفي في هذه الحملة في مكام يدعى سمرة قريب من أحد المسارحة , كما قتل من جماعته ثمانية على مورد ماء في وادي سمرة وللشيخ علي بن شهوان الشهري قصائد في تلك الحملة نذكر منها :

يا أمير بـــن عسكر فضوا مزاهبنا *** زاد لبــندقنا وركـاب ومعاشـي 
شهرين بالنصرا في المكــربة هبن *** والله ما نرجع ونليّـن القاسـي 

ويقول بعد مقتل بضعة أنفار من جيش خالد بن لؤي :

ذا اليمـن كل أبــوه معا *** ندوي ولا فيهـم الظفـر 
والله إن طاعنا بن خالد *** مــا نبقــــي لهـــم لأثـر 

وقال الشاعر حنش بن خالد الكلثمي قصيدة في تلك الأحداث :


البدع/
يا فهــــد جيــــت وأعلمــــك فأنك تحب أعلامنا
يوم جانا ابن عسكر نب فينا وحن سعد الملبي
أنتمى شورنـــا فــي ساعة مثل من يبني شهر
وانتصب شيخنــــا عبـدالله الله يقــــــوم شارته

الرد/
يـــا الله إنك تتــــم الحــــج لا يختلف بأعلا منى
ودي أطوف بالكعبة ونسعى في المسعى والبي
غير مصكوك بيـت المـــال من تونا يا بني شهر
يا مبشر عـــن إبن دريس ترها أو تزيد بشارته

المشاركة الخامسة :-
في حروب اليمن نهاية عام 1352هـ وبداية عام 1353هـ , شاركت قبائل رجال الحجر في الحملة الساحلية التي قادها الأمير فيصل بن عبدالعزيز وكان قائد شوكة رجال الحجر الشيخ عبدالرحمن بن محمد العسبلي والشيخ فراج بن شبيلي بن العريف وهذه قصيدة للشيخ علي بن شهوان الشهري قالها في ذلك الوقت :

طلبت ربي فيه مـا خــاب طالبـه ** سلام يــــا فيصل إمـام(ن) مقدمـي 
حلفت لو ياتي من الناس غالبه ** إن نرخص الأموال دونك مع الدمي 

وقد زحفت هذه الحملة على اليمن من طريق الساحل ودخلت في حروب مع الإدريسي قبل دخول اليمن , وعندما وصلت القوات السعودية إلى مدينة (الحسينية) بالساحل اليمني , قال الشيخ على بن شهوان الشهري قصيدة طويلة وأرسلها إلى ابن عمه في بلاد بني شهر , وهي من أشهر قصائده التي فخر فيها بما حققته القوات السعودية في جهادها بقيادة الأمير فيصل وعدد البلدان والأماكن في اليمن وفي بلاد بني شهر , ثم ذكر قبائل بني شهر في بلادهم وزف إليهم البشرى بالنصر العظيم الذي تحقق في جهادهم يقول :-



يالله يالله يـامـن تغـفـــــر الـــــــزلــةاغفر ذنـــوب الفتى اللي قد طمـا فيهـا 
من طاوع النفس محروم مــــن الجنـه والنفــــس طماعـه تتبـع شهاويـهـا 
سر ياذميـري اشعـــــل سنعـــــه دربـــــه عجـــل الخطـا ولـه ونـات يتاليهـا 
لابـره الصبــــح مـــــن دار الحسينـيـه مايمســـــي الا كـسـال وماحواليـهـا 
ويــــوم ثانـــي طريقه مـــن علـى وعلـه درب السهـالات والعظيـه يخليـهـا 
ويوم ثالـث يوقـع عنــــد ابـــــو طلــــه يلقــــى تراحيــــب وكباشـه يدانيـهـا 
وقله اي زاهــر اقفا عــــــن بنـي عمـه صبيـــــان شهريـن ماحـق يخليـهـا 
والله ما أقفى عنـــــه لـو نقعــــد الدمـه وأن ماتـت الـروح فـأن الله واليهـا 
وان كنت ميد اليســاره عد من خوعـه واما طريق الضمـو لاعـدت تاجيهـا 
بارت رفقهـم ومنهـم قلــــت الشيمـــه قفوا وحن في لاقـا لاعـداء نصاليهـا 
واظهر مـع درب ختبه عنـــــد بوشهبــــه تلقـى تراحيـب ودلال ن يحلويـهـا 
وسلم على صلــــب بلجـدع دواء العلـــــه لابـــاس يالابـه يـوفـون داعيـهـا 
واعمد حسين الهول في نايـــــف القلـهأ غمـــارلاطفـيـــت الفتـنـه نوشيـهـا 
واعمد بها سعد ضيفان العشـا الدمـه تقلـــى لــــه اشـوار وافكـار يماليهـا 
عبـــد العزيـز ثـــــم لاتغتــــــر عـبـدالله شيـــــخ الـى غويـت الجلبـه يقديهـا 
واعمـــد زهير الهـــول درع علـى جنبـه وكسـوه الـراس وهمومـا تجليـهـا 
مـع غمـور ولاهــــــــي فيهــــــم الـذلـه طلعـــوا مطاليـع ماحـي طلـع فيهـا 
تسري ليالــي الدجى فـي ليلـه الغــــــدراوالناس باتـوا رقـود فـي مماسيهـا 
وعمـــد بها من على صلوا الشقا الدمـه صبيـان عبسيـن ماحـي يواسيـهـا 
ماحسبـوا كــــثـر مخســــــــور ولا قـلـــــه رجــــال اجــواد الله لايقاصـيـهـا 
واظهر مع بشمه وانطح بهـا العـدوه دعوى ال ثــابت عيون القـوم تعميهـا 
وان كنت تنشد عن المعروف والشيمه مـــن القبـل لابنـي يـوس مراسيهـا 
واثنـي المـدح فــي ربعـي ولامنـه نمـــــر مضـــــرا علــــــى البـزل يدانيهـا 
صبيان تيميــن مــــن مقنى الـى الحلقـه ماتاجـي المكربـات الا وحـن فيهـا 
وان كنت مـــد الكـــرم فا أعمد بها القريـه ملوكنـا سـابـق الدنـيـا وتاليـهـا 
فـراج غيـب فقالـــــوا عميـــــت الدلـــــه والبـركـه ماتحيـل عـن مراسيـهـا 
اذا تقـدم غــــــلام مـن بنـي عـمـه حفــــــظ الـــــرعيـه اليـن يعـود راعيهـا 
وامــــــا العوامــــــر اذا ماشلـت الرايـه يصبحـون المعـادي فـي محاجيهـا 
واولاد حـارث فهـــــم زرب اليمــــانـيـه كففو بني شهر دايـم واتكلـوا فيهـا 
يحمونها من سعف بيشـه الـى بقــــره لـو غيرهم مالخلايـق ماسكـن فيهـا 
مندوبنا لف مـن ثربـان الـى بيشـــــه صبيـــــان شهريـن بـدوان وقراويهـا 
سلم عليهم وقل حـــــــن فـي الحسينيـــــه مـع البيـارق ونـيـران نصاليـهـا 
ويوم ثـار الصبـاح وشبـت الفتنـه فدنــــــا نواميـــــس عنـد النـاس طاريهـا 
ويـوم خذنـا الفيـود وطابـت النيـــــــه رحنا علـــــى ساقـه الميـلان نحميهـا 
وحن مشينا مـع الاخوان بالصدقـه يشهد لنا الله والارض ومن سكن فيها 
قيــــدومنا بـــو علــــي ماجـاء منـه كلـهوايضـا مصاريفنـا لاجـت يواسيهـا 
واختم نشيـــــدي بذكــــــراك يارسـول الله شفيـع الامـات قاصيهـا ودانيـهـا 

المشاركة السادسة :-
مشاركتهم في الحملة التي قادها الأمير سعود بن عبدالعزيز في السراة , وكان رئيس شوكة رجال الحجر عبدالرحمن بن ظافر العسبلي , وفي رواية لأحد المشاركين وهو ظافر بن محمد البكري الشهري قال : أن محاربين رجال الحجر استطاعوا دخول ( الشطبة وبلاد سحار) ومكثوا بها ثلاثة أشهر إلى أن تم الصلح بين الحكومتين السعودية واليمنية وتم الإنسحاب .


المشاركة السابعة :-
أشار الباحث محمد العقيلي في كتابه (المخلاف السليماني , ص 1160 - 1163) , إلى أن الأحوال في القسم الجبلي خاصة قبيلة الريث لم تكن مستقرة فأنيطت مهمة تأديبهم بأمير أبها تركي السديري , فتوجه بقوة من قبائل عسير , في بداية عام 1354هـ , كما أشار بعض المشاركين في تلك الحملة أن شوكة رجال الحجر كانت ألف مقاتل بقيادة الشيخ الحسين بن علي بن ظافر العسبلي وحامل البيرق عبدالله بن خودان الكلثمي الشهري , وانتهت المهمة بنجاح ووفق الأمير تركي السديري في إصلاح أمر تلك القبائل . وهذة قصيدة للشاعر محمد بن ديل الخثيمي الشهري يقول فيها :

البدع /
يا سلام علــى آل سعود ذا فـي الرياض وفي الحرم
وان تــــــــركي له التسليم عـــد البحور وفيض ماها
يالسديري وكـــــيل الحكم فـــــي ذا المراكز واليمن
زاوعتنا حكومتكم فحــــــن لأمركــــــم سمع وطاعة
غير جــذوا مزاهبــــــنا وجــــــذوا معــاشات الرجال 
أم حن تـــــــحت دبـــرتكم في التهم وإلا في السراة 

الرد/ 
الذي مشـــــرك بـــــالله فــــــلا قــــــال بيت والحرم 
كم قلوب نهار الهول ذهبـت وماتت فـــــي ظمــــاها
كلنا تحت حكم الله وذا كان في خـــــــــوف يــــــمن
سلطنة لأرض لإبـــــن سعـــود والناس له سمع وطاعة
حن مقدم بيارقكـم في الحرب لو قلــتوا عـــــــــــدن
يا السديري بريع السيف بوب الحديــــــــــد معسرة

المشاركة الثامنة :-
تمردت قبيلة الريث مره آخرى فكلف أمير جيزان خالد السديري وأمير عسير تركي السديري بمهمة تأديب تلك القبائل عام 1361 هـ , وانتهت المهمة بتجريد أغلب الأهالي من السلاح . وكان رئيس حملة رجال الحجر الشيخ شاكر بن فراج العسبلي (شيخ بني شهر) ولكن ألم به المرض فأوكلت المهمة للشيخ علي بن عبدالله العسبلي , وكان من شيوخ رجال الحجر المشاركين الشيخ/عبدالله بن جرمان الأسمري( شيخ بللسمر) , والشيخ على بن جاري العمري ( شيخ تميم بني عمرو) , والشيخ علي بن راشد الشهري ( شيخ قبيلة آل بهيش من بني شهر) .


المشاركة التاسعة :-كما ذكر الباحث محمد العقيلي في كتابه ( المخلاف السليماني , ص 1192) أن قبائل الريث تمردت مرة أخرى فسار أمير جيزان سليمان بن جبرين على رأس حملة تأديبية وقد وصل لمساندته الأمير عبدالله الفيصل الفرحان كما شاركت قبائل منطقة عسير بقيادة الأمير تركي بن ماضي وذلك في شهر محرم عام 1375 هـ , وكان قائد جيش رجال الحجر الشيخ الفارس / علي بن عبدالرحمن العسبلي وحامل العلم ظافر بن حسين الكلثمي الشهري
وشارك من شيوخ رجال الحجر الشيخ/ جرمان بن دبش الأسمري وشيخ كعب حسن بن زهير العمري وعن تميم الشيخ حنش محمد العمري , وشيخ آل وليد ظاهر بن دعبش الشهري , وكان مقاتلوا رجال الحجر من أولى الطلائع التي ارتقت الجبل , واستسلم لها عدد من شيوخ قبائل الريث وأبلى محاربين رجال الحجر بلاء حسنا ً
في جميع المشاركات السابقة وكانت هذه الحرب آخر مشاركات القبائل إذ حل مكانها القوات المسلحة السعودية .

المصادر / 
كتاب النمـــاص /عبدالله ظافر القشيري
كتاب النماص ومسيرة التعليم والتنمية
للأستــــاذ عــــــلي محمد فايز العسبلي